نشرة النشرة #٨٦ : لمبة

عن المكانس القديمة وتاريخ الصلاحية المرتبط بالرأس مالية

كنت استمع لحلقة من بودكاست Nice Try تتكلم عن المكانس كانت مليئة بمعلومات جميلة.

ففي بدايات القرن العشرين كان فكرة المكانس الشافطة ماتزال في بداياتها ولم تكن صغيرة الحجم وبعضها كان يعمل بمحرك احتراق داخلي قبل أن تتحول للكهرباء، وماعلينا من هذا كله، فما شدني هو أن شركات التنظيف في بداية القرن العشرين قدمت المكنسة "كخدمة"، فكان أصحاب البيوت يتصلون على الشركة التي ترسل مكنسة كبيرة محمولة على سطح مركبة تجرها الأحصنة (ولاحقًا سيارة) وتقف أمام بيتك، وتسحب منها الخرطوم لتقوم بكنس بيتك، وهذا كله قبل التطورات التي استمرت في تصغير حجم المكنسة.

خلال الحلقة قامت المذيعة بإجراء لقاء مع جامع للمكانس حكى عن أول مكنسة اشترتها أمه بقيمة ٢٠٠$ دولار في الخمسينات والتي توازي ٢٠٠٠$ بسعر اليوم، وكون المكنسة غالية فكانوا يحرصون على اصلاحها في حالة حدوث أي عطل.

فكرة الاصلاح أخذتني للماضي قليلًا، فخلال طفولتي كان اصلاح الأدوات المنزلية سائدًا بعكس اليوم لأن أهالينا كانوا يدفعون "دم قلبهم" فيها. لكن الهبوط في الأسعار ببركة ولعنة الاستهلاكية والرأسمالية المدعومة بالقدرة التصنيعية الرهيبة للصينيين، تجعلك تتغاضى عن اصلاح الأدوات. زد عليها قلة الفنيين القادرين على اصلاحها لأن "الموضوع مش جايب همه" غير الأدوات مثل الطابعات، التي تقترب قيمة اصلاحها من شراء الجديدة، وهو ما يجعلك تلقائيًا تقوم بالتخلي عن اصلاحها وشراء جديدة، وبالطبع هذه الحالة لا تنطبق على أدوات كبيرة مثل المكيفات مثلًا، لكنها حاضرة في الأدوات المتوسطة السعر.

الحديث عن اصلاح الأجهزة يأخذنا بطبيعة الحال إلى الجودة، وكلنا نتفق أن جودة التصنيع في منتصف القرن العشرين وربما إلى الثمانينات أفضل مما عليه والملام هنا أيضًا هي الرأس مالية والرغبة في النمو المستمر. فعلى سبيل المثال شكل مجموعة من مصنعي المصابيح تحالفًا باسم فيبس (Phoebus) في بدايات القرن العشرين، واتفقوا جميعًا على خفض جودة مصابيحهم لأنها كانت تعمر لقترة طويلة مما قلل المبيعات، ولذا تم العمل على تقليل عمر المصباح الافتراضي لضمان البيع المستمر والأرباح، ورغم فض التحالف بسبب الحرب العالمية، إلا أن ممارسات صناعة منتجات بتاريخ صلاحية مفترض أصبح السر المعلن للشركات من أبل إلى صناع الغسالات.

هناك حجة تقف في صف صناعة المنتجات ذات تاريخ الصلاحية، فبالإضافة إلى الفائدة التي تجنيها الشركات من بيع المنتجات بشكل مستمر، فهي تساعد إبقاء المصانع والناس في وظائفهم، فتخيل لو أن سيارتك مصنوعة بدرجة من الاتقان لدرجة أنك لا تحتاج إلى صيانتها إلا مرة كل ١٠ سنوات، ماذا سيحدث للميكانيكي وعائلته؟ قس عليها عمال المصانع، السباكين، الكهربائيين ومنها إلى الشركات الكبرى التي تعتبر جزء من اقتصادات الدول المحلية، وهلم جرا.

لعلها ضريبة التطور المستمر الذي أدمناه. الله كريم.


🍿 حبشتكات

🔸 انتهيت من Death Stranding 2 وهي أفضل من الجزء الأول من ناحية سرد القصة الأقصر، لكن مازال يعيبها محاولة حشر أكبر قدر من المعلومات الخيالية في مقاطع طويلة، وأظن أنني فهمت القصة، لكنني سألجأ إلى يوتيوب من أجل الشرح المفصل.

🔸 بدأت في الاستماع إلى كتاب Comedy Samurai للكاتب لاري تشارلز الذي شاركت في كتابة العديد من حلقات مسلسل الملعون ساينفيلد والعديد من البرامج الكوميدية، كما أخرج عدة أفلام منها فيلم بورات الشهير.

🔸 وصلت إلى الموسم الثالث من Mad Men، القصة بدأت في التحسن، لكن المسخرة والخيانات مستمرة، وصرت أتجاوز هذه المشاهد لأنها مزعجة ولا تقدم أي قيمة.


🎙️ أعمل هذه الفترة على الموسم الثاني من بودكاست رابط تشعبي بودي لو تشاركوني قصصًا مثيرة للاهتمام تحتاج إلى بحث وتقصي، أو ألغاز معاصرة تنتظر من يعثر على إجابتها، وحتى لو كان عندك قصة شخصية ترى أنها تستحق السرد يمكنك الرد على هذه الرسالة أو التواصل معي عبر تويتر (إكس)

مكانسجودةرأس مالية
نشرة النشرة
نشرة النشرة
كل أسبوعين

نشرة النشرة